الواقعة تثير مخاوف أوروبية بشأن سلامة أنظمة النقل الذكية واعتمادها على التقنيات الأجنبية
أوسلو، النرويج – نوفمبر 2025:
أعلنت شركة Ruter، المشغّلة لوسائل النقل العام في العاصمة النرويجية أوسلو، عن خطة شاملة لتعزيز الأمن السيبراني في شبكتها، وذلك بعد اكتشاف أن حافلات النقل الكهربائي من طراز Yutong الصينية الصنع يمكن إيقافها عن بُعد بواسطة الشركة المصنّعة، في واقعة أثارت جدلاً واسعاً حول أمن أنظمة النقل الذكية واعتماد الدول الأوروبية على التقنيات القادمة من الخارج.
تفاصيل الاكتشاف
كشفت شركة Ruter أن مهندسيها اكتشفوا أثناء اختبارات فنية روتينية أن شركة Yutong تحتفظ بإمكانية وصول مباشر إلى أنظمة التحكم المركزية في الحافلات، وذلك بهدف تنفيذ تحديثات برمجية وصيانة تقنية عن بُعد.
ورغم أن هذا الإجراء يُعتبر أمراً شائعاً في صناعة المركبات الكهربائية لضمان الصيانة المستمرة وكفاءة الأداء، إلا أن وجود اتصال مباشر غير خاضع بالكامل للرقابة المحلية أثار مخاوف أمنية خطيرة بشأن احتمال إساءة استخدام هذا الوصول، سواء عن قصد أو نتيجة اختراق إلكتروني خارجي.
وأكدت Ruter أن الشركة الصينية لم تقم بأي تلاعب فعلي في أنظمة التشغيل، إلا أن إمكانية القيام بذلك من الناحية التقنية تمثل ثغرة حرجة في منظومة الأمان يجب التعامل معها فوراً.
مخاوف متصاعدة حول الأمن السيبراني والسيادة التقنية
قالت Ruter في بيان رسمي إنها تعمل حالياً بالتعاون مع السلطات الحكومية النرويجية، ومن ضمنها الهيئة الوطنية للأمن السيبراني (NSM)، لإجراء تقييم شامل للمخاطر ووضع ضوابط تقنية وتنظيمية جديدة تمنع أي وصول غير مصرح به مستقبلاً إلى أنظمة المركبات.
وأضافت الشركة أن الهدف من هذه الخطوة هو “ضمان استقلالية التحكم في أسطول النقل الوطني وحماية الركاب من أي تهديدات رقمية محتملة”.
وتأتي هذه التطورات وسط موجة أوروبية من المخاوف المرتبطة بالاعتماد على المعدات والتقنيات الصينية في البنية التحتية الحيوية، مثل النقل والطاقة والاتصالات.
وتزايدت هذه المخاوف مع التوترات الجيوسياسية والتنافس التكنولوجي بين الصين والدول الغربية، مما دفع عدداً من الحكومات الأوروبية إلى مراجعة اتفاقياتها التقنية مع شركات آسيوية تعمل في قطاعات حساسة.
سياق دولي أوسع
تُعد Yutong من أكبر الشركات العالمية في مجال تصنيع الحافلات الكهربائية، وتعمل في أكثر من 30 دولة حول العالم، بما في ذلك عدة أسواق أوروبية رئيسية.
وتعتبر تقنياتها المتقدمة في الصيانة عن بُعد جزءاً من منظومتها الذكية لإدارة الأساطيل، إلا أن الحادثة الأخيرة تسلّط الضوء على الحاجة إلى وضع معايير دولية أكثر صرامة لتنظيم الوصول البرمجي عن بُعد في المركبات الكهربائية وأنظمة النقل الذكية.
ويرى خبراء الأمن السيبراني أن هذه الواقعة قد تكون نقطة تحول في تعامل أوروبا مع البرمجيات الأجنبية داخل بنيتها التحتية، حيث من المتوقع أن تراجع عدة دول سياساتها المتعلقة بتكامل الأنظمة الذكية الأجنبية في شبكات النقل العام.
خاتمة
بينما لا تزال التحقيقات التقنية جارية لتحديد مدى الخطورة الفعلية للوصول الذي تمتلكه شركة Yutong إلى أنظمة الحافلات، تؤكد هذه الواقعة على التحديات المعقدة التي تواجهها الحكومات في موازنة الابتكار التكنولوجي مع متطلبات الأمن الوطني.
ومن المرجح أن تدفع القضية العديد من الدول الأوروبية إلى إعادة تقييم سياساتها في مجال النقل الذكي، في وقت تتسارع فيه المنافسة العالمية على قيادة مستقبل المركبات الكهربائية والذاتية القيادة.










